بسم الله الرحمان الرحيم ~
الحمد لله على إحسانه و الشكر له على توفيقه وامتنانه و أشهد ألا إله إلا الله تعظيما لشانه واشهد ان محمدا عبده و رسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه و على أصحابه و إخوانه و على السائرين على طريقه و منهاجه ثم أما بعد :
السلام عليكم يا أهل الإيمان .
في هذه الخاطرة سنتحدث عن ثلاث أشياء لا يأمنهم المرء ويجب ان يحسب الف حساب في التعامل معهم و ان يكون مستعدا لهم ..
- لما كنت غلاما يافعا وكان حب السؤال يتملكني سألت أبي ذات مرة فقلت له يا أبي ما الشيء الذي لا تأمن فتنته , فقال لي لقد سألتني عن شيء كنت قد نُصِحت به من قبل فقلت له كيف ذالك فقال " كنت في شبابي أعرف شيخا كبيرا كان يردد لي دائما يا بني لا تأمن ثلاث في هذه الدنيا , فقلت وماهي ؟ فقال لي البحر و الزمان و السلطان " .حينئذن أحسست بفخامة تلك الكلمات ولو أني لم أفهمها جيدا لأني لم أكن بأهل لفهم و استمباط المعاني من تلك الحكمة الجميلة .
- اليوم وبعد عقد من الزمن منذ سماعي لتلك الكلمات من أبي عرفت أن ما أوصاه به ذالك الشيخ رحمه الله كان حقا إذ له في كتاب الله أصل و له في المأثور أصل أيضا و سآخذ تلك الأشياء بشيئ من التفصيل حتى يتضح المراد من الكلام بإذن الله تعالى .
أولا - البحر : من الأمور المعروفة عن البحر لمن جرب ركوبه أو العوم فيه أدرك أنه مخلوق لا يُتنبأ بما قد يجره من مخاطر وقد لا تدرك هذه قبل الخوض فيه لأنه يغريك بمنظره الهادئ و بحبنا لخوض التجارب كطبيعة في البشر نبتلى بهيجانه وقد نقع في كثير من الأحيان في خطر حقيقي جراء المجازفات التي نخوضها مع البحر و قد نقول لإن أنجاني ربي من هذه الآن فلن أدخله مرة أخرى ولكن نعيد الكرة ولا نتعظ و لقد قال تعالى شأنه في كتابه العزيز عن المشركين (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) وذالك لما لا يأمن من وصول الفلك لبر الأمان أو غرقه وغير ذالك من المخاطر فركوب البحر كان خضما كبير و تجربة مرعبة الخوض عند أولائك و حتى عند العرب , فكما ورد في بعض كتب اللغة أيضا أن رجلاً أتى أبا العباس ابن المبرد رحمه الله، وكان إماماً في النحو واللغة، فقال: أريد أن أقرأ عليك كتاب سيبويه في النحو، فقال له أبو العباس : أي بني! هل ركبت البحر؟!! . فقوله ذاك دال على هول المغامرة و رعبها عندهم , و تبقى التجربة خير دليل فكما قيل من جرب مثل تجربتى عرف مثل معرفتى . و الله المستعان
ثانيا - الزمان : قال تعالى (( إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ))140/آل عمران . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة عند قول الله عز وجل (وتلك الأيام نداولها بين الناس ) أي : نديل عليكم الأعداء تارة ، وإن كانت العاقبة لكم لما لنا في ذلك من الحكم .
وقال رحمه الله في تفسير الآية الكريمة ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين) أخبر تعالى أنه يبتلي عباده [ المؤمنين ] أي : يختبرهم ويمتحنهم ، كما قال تعالى : ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ) [ محمد : 31 ] فتارة بالسراء ، وتارة بالضراء من خوف وجوع ، كما قال تعالى : ( فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ) [ النحل : 112 ] فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه ; ولهذا قال : لباس الجوع والخوف . وقال هاهنا ( بشيء من الخوف والجوع ) أي : بقليل من ذلك ( ونقص من الأموال ) أي : ذهاب بعضها ( والأنفس ) كموت الأصحاب والأقارب والأحباب ( والثمرات ) أي : لا تغل الحدائق والمزارع كعادتها . كما قال بعض السلف : فكانت بعض النخيل لا تثمر غير واحدة . وكل هذا وأمثاله مما يختبر الله به عباده ، فمن صبر أثابه [ الله ] ومن قنط أحل [ الله ] به عقابه . ولهذا قال : ( وبشر الصابرين ) إنتهى كلامه رحمه الله .
أيها الأحبة نستنتج أن الزمان لا يستقر على طريقة لبني آدم وما يقرر ذالك الحديث الذي ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح في شرح كتاب الرقاق من حديث ابن عباس مرفوعا " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل وهو يعظه اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك "أخرجه ابن المبارك في الزهد بسند صحيح . بهذا أيها الإخوة لا يمكن لأي عاقل أن يأمن الدهر و دورانه و تقلباته بين السعادة و الشقاء و الغنى و الفقر و الرفعة و الذل فكم ظن من غني أن غناه لن يزول فخسف به و بداره كقارون الملعون وكم من ملك ظن سرمدية ملكه و جبروته فسلط الله عليه أصغر جنده فأذله به فأصبح لا يجد راحة البال إلا إذا ضرب بالنعال على رأسه كما روى غير واحد من أهل التاريخ ماحدث للنمرود الذي حكم الأرض و هذه سنة الله في الأرض لذا فاحذر أخي ان تغتر إما لغنى أو سلطة فإنها لو دامت لغيرك ما وصلت إليك وما طار طائر بجناحيه وارتفع إلا كما طار وقع . وكما أخرج البخاري في كتاب الرقاق من حديث أنس رضي الله عنه أنه كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العصباء لا تُسبق ،فجاء أعرابي فسبقها ، فشق ذلك على الصحابة رضى الله عنهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من هذه الدنيا إلا وضعه " رواه البخاري .
ثالثا - السلطان : قال الحافظ ابن كثير في التفسير - قال ابن عباس : قالت بلقيس : ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) ، قال الرب ، عز وجل ( وكذلك يفعلون ) إنتهى كلامه رحمه الله .
أي أن الله عز وجل صدّق كلام بلقيس وهي كافرة حينئذ لأن كلامها كان صوابا والمتتبع لتاريخ الملوك يجد أن بلقيس أتقنت الوصف ولو لم تفعل لما صدقها الله تعالى , لأن الغالب على السلاطين البطش و الجور و الطغيان إلا من كان الشرع و البطانة الصالحة وازعا له .
لكن للعلماء كلام كثير في السلاطين و جورهم و التحذير من قرب أبوابهم فكما روي في بعض الأثر أن أبو جعفر لقى سفيانَ الثوريّ في الطواف فقال: ما الذي يمنعك أبا عبد الله أن تأتينا قال: إن الله نهانا عنكم فقال: " وَلاَ تَرْكَنُوا إلى الذين ظَلَمُوا فَتَمَسَّكم النار". ) و الإمام سفيان الثوريّ معروف بمواقفه مع السلاطين حتى أنه مات هاربا منهم , وقد ذُكر في بعض كتب الحكم أن الداخل على السلاطين كالراكب على الأسد لا يدري متى يغير عليه فيفترسه , هذا لجورهم وقله حلمهم و تنسب أبيات في هذا السياق إلى عبد الله ابن المبارك العالم المبارك رحمه الله ورضي عنه حيث يقول :
- أحبتي في الله من منا لم يلمسه أحد هذه الأشياء ؟ لعل جل من يقرأ هذه الخاطرة قد تعرض لخضم البحر وهيجانه و لعله أيضا إفتقر و مرض و ابتلي ولولا ان من الله عليه بالصبر ليئس ومن منا من لم يتعرض لبطش الطواغيت زماننا من حكام فاسدين أكلوا ثروات بلاد المسلمين ونهبوها و أذلوا عزيزها و أعزوا ذليلها و شرعوا أحكاما كفرية وثنية و زرعوا فينا نبتة خبيثة تخدمهم و تألب المسلمين على من يعترض على طغيانهم و على القائمين بردعهم . نسأل الله أن ينتقم منهم ويعجل بسقوطهم ونسأله أن يرد كيد الكائدين في نحورهم و كل من يريد أن يفتن المسلمين عن دينهم الحق اللهم دمرهم و أمكن للهزابر و القشاعم من رقابهم .آمين.
نعوذ بالله من الحور بعد الكور و نعوذ به من فتنة الزمان و تقلبه على أهله و نعوذ بالله من جور السلطان و طغيانه .آمين
اللهم إنّا نسألك بأسمائك الحسنى و صفاتك العلى أن تجعل ما قلناه زادا إلى حسن المصير إليك وعتادا إلى يمن القدوم عليك إنك بكل جميل كفيل و أنت حسبنا ونعم الوكيل و صلى الله على نبينا محمد وعلى آل بيته و صحابته الطيبين الطاهرين .
و السلام عليكم ورحمة الله .
الحمد لله على إحسانه و الشكر له على توفيقه وامتنانه و أشهد ألا إله إلا الله تعظيما لشانه واشهد ان محمدا عبده و رسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه و على أصحابه و إخوانه و على السائرين على طريقه و منهاجه ثم أما بعد :
السلام عليكم يا أهل الإيمان .
في هذه الخاطرة سنتحدث عن ثلاث أشياء لا يأمنهم المرء ويجب ان يحسب الف حساب في التعامل معهم و ان يكون مستعدا لهم ..
- لما كنت غلاما يافعا وكان حب السؤال يتملكني سألت أبي ذات مرة فقلت له يا أبي ما الشيء الذي لا تأمن فتنته , فقال لي لقد سألتني عن شيء كنت قد نُصِحت به من قبل فقلت له كيف ذالك فقال " كنت في شبابي أعرف شيخا كبيرا كان يردد لي دائما يا بني لا تأمن ثلاث في هذه الدنيا , فقلت وماهي ؟ فقال لي البحر و الزمان و السلطان " .حينئذن أحسست بفخامة تلك الكلمات ولو أني لم أفهمها جيدا لأني لم أكن بأهل لفهم و استمباط المعاني من تلك الحكمة الجميلة .
- اليوم وبعد عقد من الزمن منذ سماعي لتلك الكلمات من أبي عرفت أن ما أوصاه به ذالك الشيخ رحمه الله كان حقا إذ له في كتاب الله أصل و له في المأثور أصل أيضا و سآخذ تلك الأشياء بشيئ من التفصيل حتى يتضح المراد من الكلام بإذن الله تعالى .
أولا - البحر : من الأمور المعروفة عن البحر لمن جرب ركوبه أو العوم فيه أدرك أنه مخلوق لا يُتنبأ بما قد يجره من مخاطر وقد لا تدرك هذه قبل الخوض فيه لأنه يغريك بمنظره الهادئ و بحبنا لخوض التجارب كطبيعة في البشر نبتلى بهيجانه وقد نقع في كثير من الأحيان في خطر حقيقي جراء المجازفات التي نخوضها مع البحر و قد نقول لإن أنجاني ربي من هذه الآن فلن أدخله مرة أخرى ولكن نعيد الكرة ولا نتعظ و لقد قال تعالى شأنه في كتابه العزيز عن المشركين (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) وذالك لما لا يأمن من وصول الفلك لبر الأمان أو غرقه وغير ذالك من المخاطر فركوب البحر كان خضما كبير و تجربة مرعبة الخوض عند أولائك و حتى عند العرب , فكما ورد في بعض كتب اللغة أيضا أن رجلاً أتى أبا العباس ابن المبرد رحمه الله، وكان إماماً في النحو واللغة، فقال: أريد أن أقرأ عليك كتاب سيبويه في النحو، فقال له أبو العباس : أي بني! هل ركبت البحر؟!! . فقوله ذاك دال على هول المغامرة و رعبها عندهم , و تبقى التجربة خير دليل فكما قيل من جرب مثل تجربتى عرف مثل معرفتى . و الله المستعان
ثانيا - الزمان : قال تعالى (( إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ))140/آل عمران . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة عند قول الله عز وجل (وتلك الأيام نداولها بين الناس ) أي : نديل عليكم الأعداء تارة ، وإن كانت العاقبة لكم لما لنا في ذلك من الحكم .
وقال رحمه الله في تفسير الآية الكريمة ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين) أخبر تعالى أنه يبتلي عباده [ المؤمنين ] أي : يختبرهم ويمتحنهم ، كما قال تعالى : ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ) [ محمد : 31 ] فتارة بالسراء ، وتارة بالضراء من خوف وجوع ، كما قال تعالى : ( فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ) [ النحل : 112 ] فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه ; ولهذا قال : لباس الجوع والخوف . وقال هاهنا ( بشيء من الخوف والجوع ) أي : بقليل من ذلك ( ونقص من الأموال ) أي : ذهاب بعضها ( والأنفس ) كموت الأصحاب والأقارب والأحباب ( والثمرات ) أي : لا تغل الحدائق والمزارع كعادتها . كما قال بعض السلف : فكانت بعض النخيل لا تثمر غير واحدة . وكل هذا وأمثاله مما يختبر الله به عباده ، فمن صبر أثابه [ الله ] ومن قنط أحل [ الله ] به عقابه . ولهذا قال : ( وبشر الصابرين ) إنتهى كلامه رحمه الله .
أيها الأحبة نستنتج أن الزمان لا يستقر على طريقة لبني آدم وما يقرر ذالك الحديث الذي ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح في شرح كتاب الرقاق من حديث ابن عباس مرفوعا " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل وهو يعظه اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك "أخرجه ابن المبارك في الزهد بسند صحيح . بهذا أيها الإخوة لا يمكن لأي عاقل أن يأمن الدهر و دورانه و تقلباته بين السعادة و الشقاء و الغنى و الفقر و الرفعة و الذل فكم ظن من غني أن غناه لن يزول فخسف به و بداره كقارون الملعون وكم من ملك ظن سرمدية ملكه و جبروته فسلط الله عليه أصغر جنده فأذله به فأصبح لا يجد راحة البال إلا إذا ضرب بالنعال على رأسه كما روى غير واحد من أهل التاريخ ماحدث للنمرود الذي حكم الأرض و هذه سنة الله في الأرض لذا فاحذر أخي ان تغتر إما لغنى أو سلطة فإنها لو دامت لغيرك ما وصلت إليك وما طار طائر بجناحيه وارتفع إلا كما طار وقع . وكما أخرج البخاري في كتاب الرقاق من حديث أنس رضي الله عنه أنه كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العصباء لا تُسبق ،فجاء أعرابي فسبقها ، فشق ذلك على الصحابة رضى الله عنهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من هذه الدنيا إلا وضعه " رواه البخاري .
ثالثا - السلطان : قال الحافظ ابن كثير في التفسير - قال ابن عباس : قالت بلقيس : ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) ، قال الرب ، عز وجل ( وكذلك يفعلون ) إنتهى كلامه رحمه الله .
أي أن الله عز وجل صدّق كلام بلقيس وهي كافرة حينئذ لأن كلامها كان صوابا والمتتبع لتاريخ الملوك يجد أن بلقيس أتقنت الوصف ولو لم تفعل لما صدقها الله تعالى , لأن الغالب على السلاطين البطش و الجور و الطغيان إلا من كان الشرع و البطانة الصالحة وازعا له .
لكن للعلماء كلام كثير في السلاطين و جورهم و التحذير من قرب أبوابهم فكما روي في بعض الأثر أن أبو جعفر لقى سفيانَ الثوريّ في الطواف فقال: ما الذي يمنعك أبا عبد الله أن تأتينا قال: إن الله نهانا عنكم فقال: " وَلاَ تَرْكَنُوا إلى الذين ظَلَمُوا فَتَمَسَّكم النار". ) و الإمام سفيان الثوريّ معروف بمواقفه مع السلاطين حتى أنه مات هاربا منهم , وقد ذُكر في بعض كتب الحكم أن الداخل على السلاطين كالراكب على الأسد لا يدري متى يغير عليه فيفترسه , هذا لجورهم وقله حلمهم و تنسب أبيات في هذا السياق إلى عبد الله ابن المبارك العالم المبارك رحمه الله ورضي عنه حيث يقول :
إن الملوك بلاءٌ حيثما حلوا -*- فلا يكن لك في أكنافهم ظِلُ.
ماذا تؤملُ من قومٍ إذا غضبوا -*- جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
ماذا تؤملُ من قومٍ إذا غضبوا -*- جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
و إن أتيت تنصحهم ظنوك تخدعهم -*- و استثقلوك كما يستثقل الكل
فاسْتَغْنِ بالله عنَ إتْيَانهم أبداً -*- إنّ الوُقوف على أبوابهم ذلُّ
أبيات في غاية الروعة تسطر نفسية الملوك بدقة عالية , و يقول آخر :فاسْتَغْنِ بالله عنَ إتْيَانهم أبداً -*- إنّ الوُقوف على أبوابهم ذلُّ
لا تصحبنَّ ذَوي السُّلطان في عَملٍ -*- تُصْبِح عَلَى وَجَلٍ تمسْي عَلَى وَجَل
كُل الترابَ ولا تَعْملِ لهم عملاً -*- فالشرُّ أَجْمَعُه في ذلك العَمَل ...
وهناك الكثير ماقيل في هؤلاء السلاطين ويطول و لا يسعنا ذكره جميعه , وإذا شئت المزيد فللحافظ السيوطي رحمه الله و غفر له رسالة في ذالك تحت عنوان ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين تحذيرا منهم . والله المستعان .كُل الترابَ ولا تَعْملِ لهم عملاً -*- فالشرُّ أَجْمَعُه في ذلك العَمَل ...
- أحبتي في الله من منا لم يلمسه أحد هذه الأشياء ؟ لعل جل من يقرأ هذه الخاطرة قد تعرض لخضم البحر وهيجانه و لعله أيضا إفتقر و مرض و ابتلي ولولا ان من الله عليه بالصبر ليئس ومن منا من لم يتعرض لبطش الطواغيت زماننا من حكام فاسدين أكلوا ثروات بلاد المسلمين ونهبوها و أذلوا عزيزها و أعزوا ذليلها و شرعوا أحكاما كفرية وثنية و زرعوا فينا نبتة خبيثة تخدمهم و تألب المسلمين على من يعترض على طغيانهم و على القائمين بردعهم . نسأل الله أن ينتقم منهم ويعجل بسقوطهم ونسأله أن يرد كيد الكائدين في نحورهم و كل من يريد أن يفتن المسلمين عن دينهم الحق اللهم دمرهم و أمكن للهزابر و القشاعم من رقابهم .آمين.
نعوذ بالله من الحور بعد الكور و نعوذ به من فتنة الزمان و تقلبه على أهله و نعوذ بالله من جور السلطان و طغيانه .آمين
اللهم إنّا نسألك بأسمائك الحسنى و صفاتك العلى أن تجعل ما قلناه زادا إلى حسن المصير إليك وعتادا إلى يمن القدوم عليك إنك بكل جميل كفيل و أنت حسبنا ونعم الوكيل و صلى الله على نبينا محمد وعلى آل بيته و صحابته الطيبين الطاهرين .
و السلام عليكم ورحمة الله .
0 التعليقات
إرسال تعليق